خسائر بالمليارات وملايين المشردين.. الأرض تئن جراء تطرف مناخي غير مسبوق في 2025

خسائر بالمليارات وملايين المشردين.. الأرض تئن جراء تطرف مناخي غير مسبوق في 2025
فيضانات في إفريقيا

مع اقتراب نهاية عام 2025، تسجل ذاكرة العالم واحدا من أكثر الأعوام قسوة من حيث الكوارث الطبيعية والظواهر المناخية المتطرفة، تضرر منها مئات الآلاف من الضحايا بين قتيل ومصاب، وملايين المشردين، وخسائر اقتصادية تجاوزت 220 مليار دولار، في صورة تعكس تصاعد أزمة المناخ العالمية وتكشف في الوقت ذاته هشاشة الاستعدادات الدولية لمواجهتها، ولم تعد الكوارث أحداثا استثنائية، بل باتت واقعا متكررا يطرق أبواب القارات بلا استثناء.

تحذيرات العلماء تتقاطع مع الوقائع

يحذر العلماء من أن التغير المناخي الناتج عن الأنشطة الصناعية البشرية أدى إلى تضخيم شدة الظواهر الجوية وتقلبها، مع ارتفاع واضح في مخاطر الفيضانات والعواصف وحرائق الغابات، خصوصا في المناطق المدارية والساحلية وتشير الأمم المتحدة إلى أن العالم يقف أمام خيار حاسم لا ثالث له، إما الاستثمار في الوقاية وبناء القدرة على الصمود، أو الاستمرار في دفع فواتير الكوارث عاما بعد عام دون إنقاذ حقيقي للأرواح وفق تقرير بثه موقع الهيئة الوطنية للإعلام بمصر الأحد.

حرائق الغابات تلتهم اليابسة

كانت حرائق الغابات العنوان الأبرز للكوارث في 2025، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، اندلعت في شهر يناير حرائق غير مسبوقة قدرت خسائرها بنحو 53 مليار دولار، لتصبح أغلى كارثة حرائق في التاريخ، اجتاحت النيران أحياء كاملة في مدينة لوس أنجلوس، وأدت إلى إجلاء عشرات الآلاف ومقتل 24 شخصا وتدمير نحو 1000 منشأة.

في أوروبا، التهمت الحرائق أكثر من مليون هكتار من الأراضي، خاصة في إسبانيا والبرتغال وتركيا وفرنسا واليونان. سجلت إسبانيا احتراق نحو 400000 هكتار منذ بداية العام، فيما تجاوزت المساحة المحترقة في البرتغال 260000 هكتار، وأسفرت هذه الحرائق عن وفاة 26 شخصا وإصابة الآلاف وإجلاء أكثر من 65800 شخص بين شهر يونيو و21 أغسطس. لم تقتصر الخسائر على الأرواح والممتلكات، بل طالت مواقع تراثية وطرق حج تاريخية ومحميات طبيعية نادرة، لتتحول الكارثة إلى أزمة إنسانية وبيئية وثقافية في آن.

ارتفاع الحرارة وتفاقم الحرائق

تشير تحليلات علمية إلى أن موجات الحر والجفاف والرياح القوية أسهمت في تفاقم حرائق الغابات، في وقت أدت فيه هذه الكوارث إلى انبعاث نحو 38 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، ما يعمق ظاهرة الاحتباس الحراري ويعيد تغذية دورة الحرائق نفسها، في تفاعل سلبي يهدد مستقبل القارة الأوروبية.

في كوريا الجنوبية، شهد الجنوب الشرقي حرائق غابات استمرت 5 أيام، أودت بحياة 24 شخصا وأدت إلى إجلاء نحو 27000 شخص، بينهم نزلاء في السجون، رغم مشاركة أكثر من 5000 رجل إطفاء و140 طائرة هليكوبتر، وأحرقت النيران نحو 17000 فدان من الغابات، ما دفع السلطات لإعلان 4 مقاطعات مناطق منكوبة.

لم تقتصر الظاهرة على اليابسة، إذ سجل متوسط حرارة سطح البحر في 2025 نحو 20.82 درجة مئوية، وهو ثالث أعلى معدل في التاريخ، وشهد شمال المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي قرب فرنسا والمملكة المتحدة درجات حرارة قياسية، ما عزز قوة الأعاصير والعواصف البحرية.

العواصف والأعاصير تحصد النصيب الأكبر

كانت العواصف والأعاصير مسؤولة عن نحو 70 بالمئة من إجمالي الخسائر العالمية في النصف الأول من العام، بقيمة بلغت 92 مليار دولار، يؤكد العلماء أن ارتفاع حرارة المحيطات يزيد من شدة الأعاصير، في حين يؤدي ارتفاع حرارة الغلاف الجوي إلى هطول أمطار أكثر غزارة.

في شهر أكتوبر، ضرب إعصار نارديا سواحل المكسيك الشرقية، متسببا في فيضانات وانهيارات أرضية مدمرة في ولايات فيراكروز وإيدالجو وتاباسكو، وأعلنت السلطات مقتل أكثر من 80 شخصا وفقدان العشرات، فيما تجاوز عدد النازحين 120000 شخص، كاشفاً عن هشاشة البنية التحتية في المناطق الفقيرة.

الكاريبي والفلبين تحت رحمة الأعاصير

في أواخر أكتوبر، اجتاح إعصار ميليسا منطقة البحر الكاريبي بسرعة رياح بلغت 145 كيلومترا في الساعة، مخلفا دمارا واسعا في جامايكا وهايتي وكوبا. وفي كوبا، تم إجلاء أكثر من 735000 شخص، وانقطع التيار الكهربائي عن معظم أنحاء البلاد، أما الفلبين، فقد ضربها إعصار فونج وونج، وهو الإعصار رقم 21 في 2025، مخلفا قتلى وأكثر من 1400000 نازح، بعد أيام فقط من إعصار كالمايغي الذي تسبب في وفاة نحو 200 شخص.

الفيضانات تبتلع المدن

شهدت البرازيل فيضانات هي الأسوأ منذ 20 عاما، خاصة في ولايات ريو جراندي دو سول وسانتا كاتارينا وبارانا، وأسفرت الكارثة عن مقتل 160 شخصا وتشريد أكثر من 500000، فيما غرقت مدينة بورتو أليجري تحت أكثر من 2 متر من المياه، وفي أوروبا، شهدت ألمانيا وبولندا والنمسا فيضانات مدمرة بين يونيو ويوليو، أدت إلى وفاة 52 شخصا في ألمانيا وحدها.

في السودان، أدى انزلاق أرضي في منطقة جبل مرة في شهر أغسطس إلى وفاة نحو 1000 شخص، في أكبر كارثة طبيعية بتاريخ غرب دارفور، كما شهدت جنوب إفريقيا في يونيو فيضانات بعمق 4 أمتار أودت بحياة 103 أشخاص. وامتدت الكوارث إلى المغرب و بوليفيا وكولومبيا وجواتيمالا، حيث دمرت الأمطار الغزيرة قرى كاملة.

الزلازل والبراكين 

في 28 مارس، ضرب زلزال بقوة 7.7 درجة ميانمار، وأسفر عن وفاة أكثر من 4500 شخص، مع خسائر بمليارات الدولارات، وفي سبتمبر، تعرضت ولاية كونر في أفغانستان لزلزال بقوة 6 درجات، أدى إلى وفاة أكثر من 2200 شخص وتدمير 6700 منزل.

شهد عام 2025 نشاطا ملحوظا لأكثر من 1500 بركان نشط حول العالم، أبرزها ساكوراجيما في اليابان وكيلوا في هاواي وعدة براكين في إندونيسيا، وسط تحذيرات من مخاطر جسيمة على المناطق المكتظة بالسكان.

خسائر اقتصادية 

رغم تسجيل خسائر عالمية بنحو 220 مليار دولار في 2025، أي أقل بنحو الثلث مقارنة بعام 2024، فإن الخبراء يحذرون من قراءة مضللة للأرقام، فقد كان موسم الأعاصير هادئا نسبيا في الولايات المتحدة، دون أن يضرب أي إعصار اليابسة، وهو ما خفف الخسائر مؤقتا دون أن يعني تراجعا في المخاطر طويلة الأمد.

تشير تقارير شركات إعادة التأمين العالمية إلى أن عام 2025 هو العام السادس على التوالي الذي تتجاوز فيه خسائر الكوارث الطبيعية المغطاة تأمينيا 100 مليار دولار، ويجمع خبراء المناخ على أن ما شهده العالم ليس استثناء، بل بداية عصر مناخي جديد يتسم بتطرف متزايد في الظواهر الطبيعية، وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر وتحديث البنية التحتية والتخطيط العمراني المستدام لم يعد خيارا، بل ضرورة وجودية لتفادي كوارث أشد فتكا في العقود المقبلة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية